تعمل مؤسسات إسرائيلية على تجريف ما تبقى من مقبرة مأمن الله أو "ماميلا" كما يسميها العامة، وهي أقدم مقبرة عربية إسلامية في القدس الشريف .ومدفون فيها خلق كثير من الأكابر والأعيان والشهداء والصالحين، وفيها عدد كبير من الصحابة والتابعين، كما جاء في كتاب "سوانح الأنس برحلتي لوادي القدس" للرحالة اللقمي، ومساحة المقبرة مائتي ألف متر مربع كما جاء في كتاب "المفصل في تاريخ القدس" للمرحوم عارف العارف .والذي جاء فيه "أنها تعج بالعدد الوفير من الصحابة والمجاهدين والعلماء والأقطاب الصالحين" وفيها "دفن عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي 636 م وقد ذكر العارف أسماء العشرات من الصحابة والعلماء والصالحين المدفونين في هذه المقبرة .وقد تم تجريف الغالبية العظمى من المقبرة ليقام مكانها فندق " بلازا " وبيت الصحافة الإسرائيلي " بيت أجارون " ومحطة لوقوف السيارات، إضافة إلى الشوارع، وجزء منها حديقة عامة يرتادها الزناة والشاذون جنسيا.وما تبقى يجري العمل على تجريفه لإقامة متحف "التسامح" كما يحلو لهم تسميته، ويبدو أن التسامح في عرف الديمقراطية الإسرائيلية يقوم على محو كل ما هو عربي ومسلم في فلسطين بشكل عام وفي القدس بشكل خاص. حيث جرى تجريف مئات المقابر والمساجد والمدارس والأبنية التاريخية في أكثر من 540 قرية فلسطينية محتها الدولة العبرية من الوجود بعد أن شردت أهلها. ومحو المقابر وتجريف عظام الموتى العرب والمسلمين في فلسطين يأتي من باب التزاوج ما بين سرقة الجغرافيا وسرقة التاريخ لمحو الذاكرة الفلسطينية والعربية والإسلامية عن أي أثر قد يترك أو يدلل على حق لهؤلاء في هذه البلاد . غير أن الفاجعة في تجريف مقبرة " مأمن الله " يختلف هذه المرة عن تجريف المقابر الأخرى على أهميتها وقدسيتها . فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يحتلون جزءا من العقيدة الإسلامية، ولهم حرماتهم في هذه العقيدة السماوية التي تُكفر من يتعرض لهم بالقدح أو الذم، وبالتالي فإن قبورهم تأخذ طابع القداسة، كونهم القدوة بعد الرسول الأعظم صلوات الله وسلامه عليه، فهم حفظة القرآن الشريف والسنة النبوية المشرفة وهم رواتها. وبالتالي فإن أي اعتداء على مقابرهم هو اعتداء على العقيدة الإسلامية وعلى أتباع هذه العقيدة .وهكذا فإن المرء سواء كان مسلما أو غير مسلم يتعجب إلى حد الفاجعة عن مدى التسامح الديني أو الأخلاقي أو الاجتماعي أو السياسي في بناء متحف يحمل اسم " التسامح " على أنقاض قبور الناس العاديين، فما بالكم والحالة هذه عندما سيبنى هذا المتحف على أنقاض قبور صحابة رسول الله رضي الله عنهم وأرضاهم؟؟إن احترام القبور وعدم المساس بها قضية دينية وأخلاقية بغض النظر عن ديانة أو جنس أو لون المدفونين فيها، فإذا كان ساكنو القبور من الرموز الدينية التي تأخذ طابع القداسة عند المسلمين أو عند أي ديانة أخرى فإن المساس بها يصل إلى درجة الجريمة الكبرى .لقد ضج العالم ومنظمات حقوق الإنسان واليونسكو والأمم المتحدة عندما قام متعصبو حركة طالبان التي كانت تحكم في أفغانستان بهدم تماثيل "بوذا" في بلادهم، ومع العالم كل الحق في ذلك، ولو كان قادة طالبان يعقلون لما هدموا تراث شعبهم وحضارتهم، فما بال دول العالم وفي مقدمتها الدول العربية والإسلامية تسكت على محاولات تجريف قبور الصحابة والأبرار والأعيان والعلماء في مقبرة "مأمن الله" في القدس الشريف؟ وهل ضاقت الدنيا على اتساعها عن بناء متحف "للتسامح" إلا على قبور صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ؟ .وبما أن الحكومة والمؤسسات الإسرائيلية تحترم مقابر اليهود في كل بقاع الأرض وتطالب بضرورة المحافظة عليها، فإنها مطالبة بالمحافظة على مقابر المسلمين والمسيحيين في الدولة العبرية، وإذا كان لا بد من إقامة متحف " للتسامح " على أنقاض مقبرة فلماذا لا يقيمونه على أنقاض مقبرة يهودية؟ أم أن لأموات اليهود حرمة لا توجد لغيرهم من أتباع الديانات الأخرى؟
التوقيع :
منتديات شبكه شباب اون لاين
www.shonline.freeweb7.com/vbhttp://www.dorarr.ws/forum/uploaded/d14.gif منتديات شبكه شباب اون لاين
www.shonline.freeweb7.com/